1- اليسار واليهود والصهيونية

الاشتراكية العلمية بوصفها ابنة عقلانية التنوير، ورثت عنها موقفًا متناقضًا من أتباع الديانات الأخرى، ومنها اليهود. فمن جانب فكر رأى مفكرو التنوير وعلى رأسهم (فولتير) أن المنظومات الدينية، التي تستمد ركيزة وجودها من افتراض وجود قوى علوية وراء هذا العالم، كانت مناقضة للعقل بالضرورة، ومن ثمّ فقد كانت المنظومات هدفًا لهجوم شرس من قِبل هؤلاء المفكرين. في المقابل، كانت مبادئ المساواة في الحقوق بين البشر دافعًا لنفس المفكرين لأن يدافعوا بحماس عن حق اليهود كأقلية في المساواة بغيرهم كمواطنين في دولة علمانية.

طوال أكثر من قرن ونصف كان لتعامل اليسار مع اليهود، ثم مع الحركة الصهيونية، وأخيرًا مع دولة إسرائيل، تاريخ مُعقد ومليء بالتناقضات. حيث شهدت هذه الفترة – والتي تمثّل غالبية التاريخ الحديث لكل من اليهود واليسار – عددًا كبيرًا من الوقائع التاريخية المحوريّة؛ فبينما خلع اليسار عن نفسه رداء الطفولة والمراهقة في منتصف القرن التاسع عشر، مُنتجًا الاشتراكية العلمية، كانت "المسألة اليهودية " في أوروبا تنتج الاستجابة اليائسة من أي أمل في استيعاب اليهود في الجسد الأوروبي في صورة الصهيونية. ولا يمكن الفصل بين هذين التطورين وبين تقلّب أحوال الثورة الفرنسية منذ نهاية القرن الثامن عشر وما نشرته عبر أوروبا من صعود لآمال التحرر.

2- تطورات ما بعد الحرب العالمية الأولى

وبينما شهدت بداية القرن العشرين الهجرات الأولى ليهود أوروبا إلى فلسطين، التي تشكّلت في معظمها من جماعات من الاشتراكيين سعوا إلى بناء مجتمعات تشاركية على (أرض الميعاد)، كانت (ألمانيا) في الوقت ذاته تشهد صعود أكبر أحزاب الاشتراكية الديمقراطية، وكان لليهود دور بارز في هذا العصر الذهبي لأحزاب الطبقة العاملة في أوروبا. وبينما أنتجت الحرب العالمية الأولى نشأة أول دولة شيوعية في (روسيا)، فقد أنتجت أيضًا (وعد بلفور)، الذي تعهدت فيه (بريطانيا) بدعم حلم الصهيونية بإقامة دولة يهودية على أرض فلسطين، التي كانت آنذاك تحت الحماية البريطانية في ظل ترتيبات ما بعد الحرب.

هذه التطورات تسبَّبت في صعود الفاشية في أوروبا، وخاصة في صورتها (النازية) في ألمانيا. كما كان فشل الاشتراكية الديمقراطية في مواجهة صعود الفاشية أمرًا حاسمًا في وصول الفاشيّة للحكم في إيطاليا ثم ألمانيا، وفي أعقاب (الهولوكوست) ، الذي كان الحدث الحاسم - تاريخيًا - في تحوّل الحركة الصهيونية من تيار هامشي بين يهود العالم إلى الممثل الرئيسي لأغلبهم.

3- تطور موقف اليسار من الصهيونية

4- مجتمع من المهاجرين

5- مجتمع من المستوطنين

6- مجتمع ذو امتياز: تدفق رأس المال

7- إسرائيل والإمبريالية

8- دور إسرائيل في إفريقيا وآسيا

9- أي الطبقات هي الحاكمة؟